اصعب ما على النفس ان ترى من تحب يقع فى حب شخص اخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» مكياج لعيونك البنية
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:18 am من طرف Admin

» بشرتك أكثر جمالاًَ مع اللبن
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:17 am من طرف Admin

» - القواعد الأساسية لوضع مكياج العيون
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:16 am من طرف Admin

» الطريقة المثلى لوضع أحمر الخدود
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:16 am من طرف Admin

» كيف تعالجين مشكلة الهالات السوداء تحت العينين؟
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:15 am من طرف Admin

» خطوات وضع أساس المكياج
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:14 am من طرف Admin

» طرق استخدام المكياج فى تجميل العيون والانف
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:13 am من طرف Admin

» أقنعة من الفاكهة و الخضار
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:12 am من طرف Admin

» كيف تحصلين على أكواع بيضاء ناعمة؟
اخلاق الصائمين Icon_minitimeالأحد أغسطس 31, 2008 9:11 am من طرف Admin

التبادل الاعلاني

اخلاق الصائمين

اذهب الى الأسفل

اخلاق الصائمين Empty اخلاق الصائمين

مُساهمة من طرف Admin السبت أغسطس 23, 2008 3:54 am

- نعمة بلوغ رمضان. 2- المقصد من الصيام. 3- الصوم جنة. 4- لا رفث ولا سخب. 5- فضل الحلم والصفح والعفو. 6- صوم الجوارح. 7- التحذير من القنوات الفضائية الهابطة. 8- ذم الاستهزاء والسخرية بالدين.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
معشرَ المسلمين، أنتم في أيّامٍ مباركة وليالٍ فاضلة تفضَّل الله بهَا علَيكم، بلَّغكم صيامَ رمضان، وهيَّأ لَكم أسبابَ الخير، ورتَّب على ذلك العطاءَ الجزيلَ والثواب العظيم، فاشكروا الله تعَالى على نِعمَته، وسلوه المزيدَ من فضله وكرمِه.
أيّها المسلِم الصّائم، إنَّ صيامَك لم يَأتِ لامتحانِ قُدرتك على مجرَّد الصّبر عن الطّعامِ والشّرابِ، لم يَأتِ لامتِحانِ صَبرك عن الطّعامِ والشراب فحَسب، وإنما جاء الصّومُ لتهذيبِ أخلاقِك وتطهيرِ قلبِك وتزكيَةِ نفسِك وإعدادِك في المستقبَل لتسيرَ على الطريقِ المستقيم عِلمًا وعملاً، إنَّما جاء الصّومُ إيمانًا بالله وعِبادةً لله وقُربة نتقرَّب بها إلى الله، إنّما جاء الصومُ ليروِّضَ النفوس على أعمال الخيرِ ويعِدّ المسلم في حاضِره ومستقبله لكلِّ عملٍ طيّب، ((الصّلوات الخمس والجمعةُ إلى الجمعة ورمضان إلى رمضانَ مكفِّرات لما بينهن ما اجتُنبت الكبائر))[1].
أخي الصائم، إنَّ الصومَ تركٌ لمشتهياتِ النفس، ثم أمرٌ ثاني بُعدٌ عن الرذائلِ القوليّة والفِعلية، وما أعظمَ هذا على النفوس، وما أيسرَه على من يسَّره الله عليه.
أخي الصائم، اسمع نبيَّك وهو يقول لك: ((الصومُ جُنّة، فإذا كان يوم صومِ أحدِكم فلا يرفث ولا يسخَب، وإن أحدٌ سابّه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم))[2].
أخي المسلم، الصوم جُنّة، سِتار ووِقاية يقيك ما حرّم الله عليك، إذًا فاتَّخِذه جُنّة لتبتعِد به عن مخالفةِ الشرع. ((إذا كان يوم صومِ أحدِكم)) ماذا تكون حاله؟ ((لا يرفث لا يسخب)). الرفثُ يكونُ في الأقوالِ، وسواء كان الرفَث فيما بين الرجلِ وامرأته مما قد يدعُوه إلى الوقوعِ في المحذور، أو رَفَث مع أيِّ إنسان كائنًا من كان. فالرَفَث إذا كان مع امرأتِك التي يُخشى أن يكونَ ذلك القول مقرِّبًا إلى انتهاك حرمَةِ الشهر فلأن يكونَ مع امرأةٍ أجنبيّة أشدّ وأعظَم إثمًا وحرمة. والرَّفَث سواء كان في العَلاقاتِ الزّوجية، أو الرَّفَث في الأقوال الساقِطة والألفاظ الهابِطَة التي لا خيرَ فيها. فالمسلم مِن خُلُقه أنه ليس بالسّبّاب ولا باللّعّان ولا بالفاحِشِ البذيء، هكذا يقول : ((ليس المؤمِن بالسّبّابِ ولا باللّعَّان ولا بالفاحِش ولا البذيء))[3]. إنّه طُهرة للِسانك ليعوِّدَه الخيرَ ويهذِّبَ أقوالَه حتى لا ينطِقَ اللسان إلاَّ بما هوَ خير له في أمرِ دينه ودنياه. ثم أيضًا ((لا يسخب))، بمعنى: أن يتحلَّى بالأخلاقِ الكريمة؛ حِلمٌ وعَفو وصفحٌ وإِعراض عن الجاهلين، يكونُ الصوم يحمِلُك على الحِلمِ والصّفح والعَفو والإعراضِ عن الجاهلين. هكذا الصومُ يكسبك هذا الخلقَ الجمّ؛ بأن لا تكونَ سَخّابًا، بأن لا تكونَ ذا خلُق سيّئ، بأن لا تكونَ ذا طيشٍ وسَفَه ومجازفة في الأمور من غيرِ رويّة وأناءَة.
أخي الصائم، إنّ الإسلامَ يدعو المسلم إلى الحِلم في أموره والرّفق في أحواله، ولذا يقول الله جل وعلا: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34، 35].
أجَل أيّها المسلم، إنّ هذه المواقِفَ مواقفُ عظيمة، ومن المعلومِ أنّ اختلافَ الناسِ قد يؤول أحيانًا إلى نزاعٍ بل إلى قتالٍ والعياذ بالله، وأنّ المواقفَ الحرِجة قد يحسِمها حِلمُ حليم ورِفق رفيق وسماحةُ إنسانٍ وعفوه وخلُقه، فيسمَع من الأقوال السيِّئة لكنّه ذو رجاحةٍ في العقل وطمأنينة، لا تستفزُّه الأمور، ولا تزعِجه الأحداث، بل هو ثابتُ الرأي ثابِتُ الجأش، يجهَل عليه الجاهلُ فيعرِض عنه، ويسفَه السفيه فيعرِض عنه، ويتذكَّر قول الله: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، ويتذكَّر قوله جلّ وعلا أنهم يقولون: عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص :55]. فمَن كان ذا حِلمٍ حسَمَ المواقفَ بحِلمه، وكان حلمه سببًا لانتهاءِ كثيرٍ من المشاكل، وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134]، وقال: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى:37]، وقالَ أيضًا: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى:43]، وهنا يقولُ المصطفى: ((فإن أحَدٌ سابّه أو قاتلَه فليقُل: إني امرؤ صائم))، فما تركتُ الجوابَ وما أعرضتُ عن الجدالِ لعجز، لكني صائمٌ، وصومي يمنَعني أن أخوضَ مع الجاهلين في جهلِهم وأن أطيش مع الطائشين، ولكنني أتقبّل كلَّ الأمور بصَدر رحبٍ وحِلم وأناءة، وكم كلماتٍ بذيئة أوقدَت نارَ عداوةٍ، وكم من حِلم أطفأ تلك الأمورَ كلَّها.
أيّها الصائم، إنَّ صومَنا يجب أن يسيطِر على حواسِنا؛ سمعِنا وأبصارنا وتفكِيرِنا وكلّ جوارحِنا حتى يكون لهذا الصومِ أثرٌ في نفوسنا. يصوِّر ذلك جابر بن عبد الله صاحبُ رسول الله حيث يقول: (إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرُك ولسانُك عن المحارِم، ودَع عنك أذَى الجار، وليكُن عليك سكينةٌ ووقار يومَ صومِك، ولا تجعل يومَ صومك ويومَ فِطرك سواء)[4].
نعم، هذا الصّومُ الكاملُ، صومٌ يشمَل السمعَ، فيصمّ أذنَه عن كلّ قولٍ بذيء، عن نميمةٍ يلقيها نمّامٌ يُريد الإفسادَ والتّفرقَة بين الأصحاب، عن غيبةٍ يُنتَهَك فيها عِرضُ المسلم بغيرِ حقّ، عن بهتٍ وعُدوانٍ يقوله البَعضُ عن البعضِ بغيرِ حقّ، يصمّ سمعَه أن يَسمعَ باطلاً يخالِف الشّرعَ. يصوم البصرُ فلا ينظرُ إلى ما حرّم الله عَليه النظرَ إليه، ولا يتَطلَّع للنّظر في النساء والتّطلُّع إليهنّ وإطلاق البَصَر حيث يشاء. يَصوم اللسان فلا يقولُ فُحشًا وزورًا ولا إثمًا وباطلاً، لا يذكُر الناسَ إلاَّ بخير، فلا يبهَتهم ولا يظلمهم ولا يقَع في أعراضِهم بغير حقّ. (ودَع عنك أذَى الجار)، الجارُ مطلوبٌ إكرامُه، ((ومن كان يؤمِن بالله واليومِ الآخر فليكرِم جارَه))[5]، وفي لفظ: ((ومَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره))[6]. إذًا المطلوبُ من الصائم أن يكونَ الصوم مهذِّبًا لسلوكه وأخلاقِه، مقوِّمًا لما أعوجَّ من أخلاقه، جاعلاً صيامَ المسلم على أحسنِ سيرةٍ وأكمل أخلاق. (ودع عنك أذَى الجار، وليكن عليك سكينة في صومِك، ولا يكن يومُ صومِك ويوم فِطرك سواء). لا بدَّ أن يكونَ للصوم أثرٌ علينا في أعمالِنا، في أقوالنا، في سلوكنا في تعامُلنا؛ لكي يعِدّنا ذلك إلى مستقبَلِنا بتوفيقٍ من الله ورحمة، ولذا كان سلفُكم الصالح يتمنَّونَ رمضانَ ويتطلَّعون له لعلمِهم بفوائدِه الحاضِرة والمستَقبلة.
أيّها الصائم، يقول نبيُّكَ : ((مَن لم يدَع قولَ الزّورِ والعَملَ به والجَهلَ فليسَ لله حَاجةٌ في أن يَدعَ طعامَه وشَرابَه))[7]، بمعنى أنّ من كانَ الصّومُ [عنده] مقتصِرًا على تركِ الطّعام والشراب، ولكن هذا الصّائم فلم يمتنِع عن كذبٍ ولا عن نميمةٍ ولا عن شهادةِ زور ولا أقوالٍ بذيئة ولا أخلاقٍ سيّئة، ولم يمتَنع عن غشٍّ ولا كذِب ولا باطل ولا ادِّعاء فقرٍ وهو غنيّ، فإنّ هذا ليس لله في صيامِه حاجَة، ما جاء الصومُ لأجلِ الطعام والشراب، إنما تُرِك الطعام والشراب ليكونَ وسيلةً لما فوقَ ذلك من تهذيبِ النّفس وتزكيةِ الأخلاق والقِيَم.
فلنتَّقِ الله ـ معشرَ الصائمين ـ في صيامِنا، ولنراعِ آدابَ الصيام؛ لنكون من الصائمين حقًّا الذين يأمَلون من الله قبولَ صِيامهم ورفعَ درجاتهم، وأن يحقِّقَ الله لهم ما وعَدَهم على لسانِ نبيِّه حيث يقول: ((كلُّ عمَلِ ابن آدم له مضاعف؛ الحسنَة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضِعف، قال الله: إلا الصوم فإنّه لي، وأنا أجزي به، يدَع طعامه وشرابَه لأجلي))[8]. فالصومُ أضافه الله إليه تَكريمًا وتفضيلاً، وجَعَل ثوابَه غيرَ مقدَّرٍ بعدَد، بل ثوابٌ لا يعلَم قدرَه إلاَّ الله.
حفِظ الله صيامَنا مِن كلّ سوء، وصانَه من كلّ النقائص، وجعَلَنا وإيّاكم من المتنافِسين في الأعمالِ الصالحة المسابقين إلى الخيرات، إنّه على كلّ شيء قدير.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ[آل عمران:133-135].
باركَ الله لي ولَكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآيات والذّكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليهِ، إنّه هو الغفور والرحيم.

[1] أخرجه مسلم في الطهارة (233) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري في الصوم (1904)، ومسلم في الصيام (1151) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[3] أخرجه ابن أبي شيبة (6/162)، وأحمد (1/ 404)، والبخاري في الأدب المفرد (312)، والترمذي في كتاب البر، باب: ما جاء في اللعنة (1977)، وأبو يعلى (5088)، والبيهقي في الكبرى (10/193) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه نحوه، وقال الترمذي: "حسن غريب"، وصححه ابن حبان (192)، والحاكم (29)، ورجح الدارقطني في العلل (5/92) وقفه، وهو في السلسلة الصحيحة (320).

[4] أخرجه ابن المبارك في الزهد (1308)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/271)، والحاكم في معرفة علوم الحديث (ص20)، وابن حزم في المحلى (6/179)، والبيهقي في الشعب (3/317) من طريق سليمان بن موسى عن جابر، قال الحاكم: "سليمان بن موسى الأشدق لم يسمع من جابر ولم يره، بينهما عطاء بن أبي رباح في أحاديث كثيرة".

[5] أخرجه البخاري في الأدب (6019) عن أبي شريح رضي الله عنه، ومسلم في الإيمان (47) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[6] أخرجه البخاري في الأدب (6018، 6136)، ومسلم في الإيمان (47) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[7] أخرجه البخاري في الأدب (6057) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[8] أخرجه مسلم في الصيام (1151) عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه.


الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، لنصُن أسماعَنا عن الاستماعِ إلى ما حرّم الله، ليكن الصوم على السّمع حتى لا نسمَعَ باطلاً، وحتى لا نرَى باطلاً، وحتى لا نشهَد مظاهرَ سوءٍ.
أخي المسلم، في هذا الشهرِ المبارَك كم من قنواتٍ تبثّ برامجَ هابطة وتنشُر مسلسلاتٍ ضالّة، فيها عداءٌ للإسلام ولمزٌ لآدابِه وسُخريّة بأخلاقِه وفضائِلِه وأمورٌ وأمور كثيرة، كم تبثّ من قَنوات فضائية ومسلسلاتٍ هابِطة وبرامج ساقطة، عندما يتأمّلها المسلم يرى فيها عيبًا للإسلامِ ولمزًا لأخلاقه وسخريّة بآدابه واستهزاءً بمحرَّماته وسخريّة بأهل الدين والمنتسِبين إليه بأيّ وسيلة كانت. إنّ الاستماعَ لهذا أو مشاهدةَ هذه الأمور لأمورٌ تخدِش في صيام العبد.
فيا أيها المسلم، إنّ الله يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].
فيا أخِي، إن كنتَ تشاهِد هذه المسلسلاتِ وترى ما فيها من هذه الأمورِ الهابِطة وأنت لا تستطيعُ أن تبدِّلَها أو تغيِّر من مَنهجِها فالأولى لك أن تحفَظ عينَيك من النظرِ وأذنَك من الاستماع؛ ليسلمَ لك دينُك، فإنك ترى في كثيرٍ من هذه القنوات وهذه المسلسلاتِ ما فيه شرٌّ وبلاء، نسأل الله أن يهديَ ضالَّ المسلمين ويثبِّت مطيعَهم.
إنَّ حلَّ المشاكل وإصلاحَ الأوضاع والأخطاء لا تكونُ بهذه الطريقة ولا بهذه الأساليب، ولكن تكون بالتوجيهِ السليمِ والنصيحة القيِّمة الهادفة والتوجيهِ الطيِّب الذي يقصَد به الإصلاحُ، ويُقصد به الإرشادُ والتنبيه عن الأخطاء وإرشاد كلِّ مخطئ وبيان الحقّ له، أما من خلالِ اللّمز والهمزِ بالإسلام وآدابِه فليست هذه حلولاً لهذه المشاكلِ، ولكن هذه القنواتِ العظيمةَ التي تبثّ في هذا الشهرِ مسلسلاتٍ هابِطة تتنافس في بثِّ هذه المسلسلاتِ ونشرِ هذه الأمور إنها لخطأٌ بلا إشكال، وإنَّ المسلم وهو يعلَم هذا ليجِب عليه أن يحفَظَ بصرَه وسمعه أن يرى ما يسيئُه من محاربةٍ للإسلام بأخلاقِه وسيرتِه وفضائله.
إنَّ دينَنا الإسلاميّ الذي شرَّفنا الله به دينُ الحقّ والهدى، يجب على المسلِمِ أن يعظِّمَ أوامرَه ويعظّم نواهيه ويعظِّم من يعظِّم هذا الدينَ، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30]،ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]. والمسلمُ يتأدَّب بآدابِ الإسلام، ويعلم أنّ السخريةَ بالإسلام وأهلِه نَقص عظيم وبلاءٌ ووسيلة للنّفاق والعياذ بالله، والله جلّ وعلا قد ذمَّ قومًا وكفَّر قومًا سخِروا بالرسول وأصحابِه ووصَفوهم بأنهم الجُبَناء وبأنهم أهلُ الهلَع والطمَع وبأنهم وبأنهم.. قال الله عنهم: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65، 66]، قال قائلهم: يا رسولَ الله، إنه حديثُ الرّكبِ نقطَع به عنّا الطريقَ، حينما قالوا: ما رأينَا مثلَ قرائنا هؤلاء؛ أرغَبَنا بطونًا وأَكذَبَنا ألسُنًا وأجبَنَنا عند اللّقاء، قالوا هذا في تَبوك، يتحدَّثون في مجالسهم سخريَّةً وعيبًا بالنبيّ وأصحابه، بأنهم جُبَناء عند اللقاء، وأنهم أهل نهمةٍ في الأكل، وأنهم كذبة في الأقوال، ألسنتهم كاذبةٌ، ومواقفهم جبانة، وأنهم وأنهم.. والله جلّ وعلا كفَّرهم بهذه المقالة؛ لأنّ السخريةَ بالنبيّ وأصحابه والمتمسِّكين بسنّته والعاملين بشريعتِه والثابتين على ذلك إنما هي استهزاءٌ بربِّ العالمين وسخريّة بربِّ العالمين، ولذا قال الله لهم: لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. قال الصحابيّ: فرأيتُه يتبَع ناقةَ النبيّ ويقول: يا رسول الله، ما هو إلا حديثُ الركبِ نقطَع به عنّا الطريقَ، والنبيّ يقول له: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، ما يزيده على ذلك[1]، إنها لمواقف خطيرة، وإنّ السخريةَ بأخلاق الإسلام وآدابِ الإسلام لا تصدُر من مسلمٍ يخاف الله ويتّقيه ويرجوه.
إنَّ المسلم حقًّا يعظِّم محمّدًا ، ويعَظّم سنّتَه، ويعظّم أخلاقَه، ويعظِّم أخلاقَ المتّبعين له، ويعلم أنهم حقًّا هم الذين على الطريق المستقيمِ والمنهج القويم الذي ارتضَاه الله جلّ وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ [الأحزاب:21]، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29]. هكذا أصحابُ محمّد السّابقون بالخيرِ، إنّ السخريةَ بهم وبأخلاقهم وأعمالهم وبسيرتهم وبما كانوا عليه نَقصٌ في حقّ المسلم.
فليتَّق المسلمون ربَّهم، وليراقبوا الله فيما يأتون وما يذَرون، وليحذر المسلمُ من مشاهدةِ ما يضرّه في دينه ويخدش صيامَه.
أسأل الله أن يحفظَنَا وإيّاكم بالإسلام، وأن يثبِّتنا وإياكم على الصراط المستقيم، وأن يحلقَنا وإياكم بالصالحين من هذه الأمّة من النبيِّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقًا، ذلك الفضلُ من الله وكفى بالله عليمًا.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمد ، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلّ بِدعة ضَلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنَّ يدَ الله عل الجماعة، ومن شذّ شذّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمّد كما أمَرَكم بذلك ربّكم، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائِهِ الرّاشدين...



[1] أخرجه الطبري في تفسيره (14/333) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما نحوه، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.

Admin
Admin

عدد الرسائل : 162
تاريخ التسجيل : 16/08/2008

https://rooney.mam9.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى